كيف يمكننا دفع اللاجئين لتبني الخدمات المالية الرقمية؟ دروس مستفادة من تجربة الأردن
لطالما كانت استضافة اللاجئين حدثاً رئيسياً في تاريخ الأردن: فيملك الأردن ثاني أعلى عدد من اللاجئين عالمياً مقارنةً نسبة إلى عدد الأفراد. وعلى مدى تاريخ الدولة، شهدنا تدفقات لجوء جماعية. ففي النكبة عام 1948 والنكسة عام 1967، بحث آلاف الفلسطينيين عن ملاذ آمن في الأردن. وجلبت الحروب في العراق وسوريا في عامي 2003 و2011 على التوالي آلافاً إضافية من اللاجئين، وصل معظمهم صفر اليدين. يعد الاشتمال المالي أمراً بالغ الأهمية في مساعدة اللاجئين على إعادة بناء حياتهم. وفي الأردن، تبدأ هذه العملية بالدفع الرقمي.
لسنوات متتالية، عمل البنك المركزي الأردني وسانده في ذلك مؤخراً الشركة الأردنية لأنظمة الدفع والتقاص (جوباك) يداً بيد مع العديد من الشركاء مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) لإنشاء نموذج وبنية تحتية قوية للدفع الرقمي. يحصل الوافدون الجدد على وثيقة هوية تسمح لهم بفتح حساب مصرفي أو محفظة إلكترونية وتمكنهم من تلقي مساعدات نقدية شهرية من المفوضية.
واليوم، يحصل 100% من اللاجئين المسجلين لدى المفوضية على مساعداتهم النقدية رقمياً، بينما تتيح لهم محافظهم الإلكترونية الوصول إلى الخدمات المالية الأساسية مثل الادخار، ودفع الفواتير، وإجراء التحويلات (محلياً ودولياً) من خلال نظام جوموبي - وهو البدالة الوطنية للدفع عبر الهاتف النقال الذي يشغل كل المحافظ الإلكترونية في الأردن، مما يوفر لهم مستوى لا مثيل له من الاستقلال المالي وفرصة لتأسيس سجل ائتماني قوي.
وبالرغم من تلقي اللاجئين للمساعدات النقدية رقميًا، فلا يعني ذلك بالضرورة أنهم تبنوا أو سيعتمدون الخدمات المالية الرقمية. في الواقع، لا تزال ثقافة استخدام الكاش سائدة بين اللاجئين في الأردن.
وتبعاً للافتقار إلى الثقافة المالية، فإن العديد من اللاجئين إما غير معتادين على استخدام الخدمات المالية عبر الموبايل أو لا يثقون باستخدامها، والكثير منهم يفضلون سحب النقود من أجهزة الصراف الآلي، بدلاً من الاستفادة من مزايا المحافظ الإلكترونية. إضافةً إلى ذلك، لا تشعر العديد من النساء بالراحة في التعامل مباشرة مع وكلاء تحويل الأموال عبر الموبايل من الذكور. ويتردد بعض اللاجئين في استخدام المحافظ الإلكترونية خوفاً من تعارضها مع الشريعة الإسلامية. كل ذلك يشدد على الأهمية البالغة في الدعوة للتبني الجماعي للخدمات المالية الرقمية بين اللاجئين.
تتيح برامج التواصل التي تجريها جوباك (Outreach Programs) التثقيف المالي والتوعية للاجئين حول استخدام وفوائد الخدمات الرقمية وغيرها من الخدمات المالية. نقوم
في جوباك أيضاً بإجراء استطلاعات ودراسات دورية، بالشراكة مع مقدمي الخدمات المالية الرقمية، لفهم تجربة العملاء، وتحديد فجوات الاستخدام المحتملة وحلها، ولضمان أن المنتجات الرقمية تلبي احتياجات اللاجئين.
ونحن نقوم حاليًا بالتواصل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) بشأن استخدام منصة "اعرف عميلك إلكترونياً" (e-KYC) التابعة لجوباك لتبسيط عملية انضمام اللاجئين للخدمات المالية الرقمية، الأمر الذي سيكون بمثابة دافع آخر للاجئين لتبني فوائد الدفع الرقمي.
على مدى التاريخ، استفاد الأردن بشكل كبير من اندماج اللاجئين في مجتمعه. لقد ساهم اللاجئون الذين عاشوا معنا لعقود من الزمن بشكل كبير في المجتمع، اقتصادياً وثقافياً. ومن خلال تسهيل الاشتمال المالي الرقمي للاجئين، يمكننا مساعدتهم على إعادة بناء حياتهم، وبل على تحقيق إمكاناتهم الكاملة.