تحقيق الشمول المالي من خلال أنظمة الدفع الفوري الشاملة: رؤى من تدريب أعضاء تحالف الشمول المالي (AFI) بالتعاون مع البنك المركزي الأردني
ملخص التدريب الذي ضم العديد من الدول حول الشمول المالي في عمّان
في الشهر الماضي، كان لنا في الشركة الأردنية لأنظمة الدفع والتقاص (جوباك) والبنك المركزي الأردني، بالتعاون مع تحالف الشمول المالي (AFI)، شرف استضافة تدريب أعضاء التحالف حول أنظمة الدفع الفوري ودورها في تعزيز الشمول المالي الذي عُقد في عمان، الأردن، حيث اجتمع ممثلون من 36 دولة للمشاركة في هذا الحدث ومشاركة معرفتهم وتجاربهم.
وقد تم اختيار الأردن كدولة مضيفة لهذا التدريب بفضل النجاح الكبير لنظام الدفع الفوري "كليك" ونتائجه الملموسة في تعزيز الشمول المالي في الأردن، خاصة من خلال توافر خدمة التشغيل البيني مع نظام جوموبي (البدالة الوطنية للهاتف النقال)، مما أتاح الحوالات الفورية بين المحافظ الإلكترونية والحسابات البنكية، ووسع الوصول إلى الخدمات المالية الرقمية للعديد من الفئات التي كانت مستبعدة سابقاً، مما منحهم وصولاً أكبر إلى أدوات التكنولوجيا المالية المختلفة.
وقد استطعنا في الأردن أن نلمس التأثير الاجتماعي والإنساني لأنظمة الدفع الفوري على جودة حياة جميع المستفيدين. فقد تمكن اللاجئون، والنساء، والشباب من التحكم في شؤونهم المالية من خلال هذه الأنظمة. على سبيل المثال، بدلاً من الوقوف في طوابير طويلة لتلقي المساعدات الشهرية، أصبح بإمكان اللاجئين تلقيها من منازلهم عبر محافظهم الإلكترونية. كما أصبح بإمكان النساء في المجتمعات المهمشة فتح محافظهن الإلكترونية وإدارة شؤونهن المالية الشخصية دون الاعتماد على أحد؛ بل أصبح بإمكانهن أيضاً إدارة أعمالهن، وادخار مبالغ مالية، وإجراء المعاملات بسهولة ومرونة.
النساء والشمول المالي: رؤى رئيسية من جلسة حوارية
كان لإحدى الجلسات الحوارية حول أهمية تصميم أنظمة دفع شاملة تلبي احتياجات النساء بشكل خاص اهتمام كبير من جميع المشاركين والحضور، حيث أكد المتحدثون على ضرورة فهم الفروق بين الجنسين في السلوك المالي، وأهمية جمع البيانات ودورها الرئيسي في تلبية هذه الاحتياجات. فمن خلال النظر في هذه البيانات، تمكّنا من معرفة أن المنتجات المخصصة للادخار والأمان المالي تعد من أكثر الخدمات المالية الرقمية شهرة، ولكن التحديات الرئيسية تكمن في زيادة الوعي وتوفير التعليم حول هذه الخدمات، خاصة في المجتمعات غير المخدومة. حيث إن النساء في المناطق المهمشة لسن على دراية بالخدمات المالية الرقمية المتاحة التي قد تجعل حياتهن أسهل، مما يزيد من أهمية دور مؤسسات المجتمع في التعاون لزيادة الوعي والتعليم المناسبين في سن مبكرة لضمان الاستعداد للمستقبل الرقمي.
في جوباك، تعد دائرة إدارة المعرفة وتحليل الأعمال من الدوائر الرئيسية التي تعمل كمركز للبيانات والمعرفة في مجال البحث الخاص بالخدمات المالية الرقمية. نقوم في هذه الدائرة بالتعاون مع أصحاب المصلحة الرئيسيين في المجتمع للتعرف بشكل أفضل على الفئات غير المخدومة، ومساعدتهم في تصميم البرامج لهم، ثم نشر تقارير عن هذه التجارب بهدف فهم أفضل للمستخدمين النهائيين وتسهيل حياتهم. بالإضافة إلى ذلك، نقوم بإصدار توصيات السياسات التي يمكن أن تسد الفجوات في الوصول للخدمات المالية الرقمية وتضمن عدم استبعاد أي فئة من المنظومة المالي الرقمي.
بناء المرونة الاقتصادية من خلال أنظمة الدفع الفوري
من المواضيع الرئيسية التي تمت مناقشتها أيضاً موضوع المرونة الاقتصادية، خاصةً فيما يتعلق بدور أنظمة الدفع الفوري في بناء الاستقرار الاقتصادي، حيث تدعم أنظمة الدفع الفوري الاقتصاد المرن أثناء الفترات الروتينية وأوقات الأزمات، وبالتالي، فإن تطوير أنظمة مرنة وقادرة على الاستجابة يعد أمرًا بالغ الأهمية.
يتطلب تطوير أنظمة الدفع الفوري التي تساهم في تعزيز المرونة الاقتصادية فهماً عميقاً لتأثيرات السوق، مثل التغيرات في سلوكيات واحتياجات العملاء، والتغيرات التنظيمية، والتقدم التكنولوجي. وهذا الفهم أساسي لتحديد النتائج المرجوة وإدارة التوقعات.
إن الخطوة الأولى في ذلك تتمثل بتحديد وتقييم المخاطر التشغيلية والتقنية، بالإضافة إلى وضع معايير واضحة للمخاطر لإرشاد عملية اتخاذ القرار. ويجب على جميع الأطراف المعنية تشكيل وتأسيس فرق لاستمرارية الأعمال للرد بسرعة في أوقات الأزمات، تحت مظلة إطار عمل لاتخاذ القرارات العاجلة، مما يتيح إعادة توجيه الجهود بالتعاون مع الهيئات التنظيمية مثل البنوك المركزية، بهدف ضمان استمرار عمل أنظمة الدفع دون انقطاع.
ويتطلب تحقيق الاقتصاد المرن التعاون والتنسيق بين مختلف الأطراف المعنية، بما في ذلك المؤسسات المالية، والمؤسسات التعليمية، والشركات. ومن الثوابت المتكررة التي نجدها هي الحاجة إلى التعليم والوعي المستمر لتعزيز فهم الخدمات المالية الرقمية، من أجل الوصول إلى الهدف وضمان وصول الفئات المهمّشة أو المحرومة إلى هذه الخدمات المالية الرقمية ولا سيما خدمات الدفع الفوري. ويعزز هذا النهج اقتصاداً قادراً على مواجهة الأزمات بشكل أفضل ويستمر مواجهة الشدائد.
الاستفادة من أنظمة الدفع الفوري للابتكارات المستقبلية: العملات الرقمية، وبرامج الولاء، والمدفوعات عبر الحدود
تلعب أنظمة الدفع الفوري دوراً مهماً في التوجه نحو العديد من الابتكارات المستقبلية، خاصة في مجال العملات الرقمية والمدفوعات. وكما هو الحال مع إدخال عملات البنوك المركزية الرقمية (CBDCs) في دول مثل غانا، يمكن لأنظمة الدفع الفوري دعم العمليات الإلكترونية وغير الإلكترونية، مما يجعل المدفوعات الرقمية متاحة حتى في المناطق التي تعاني من ضعف في تغطية الإنترنت.
في الأردن، مكنت أنظمة الدفع الفوري المؤسسات المالية من إطلاق برامج ولاء تشجع على استخدام الخدمات المالية الرقمية المختلفة. حيث تقدم هذه البرامج تجربة سلسة للعملاء تلبي احتياجات السوق المحلية، وتساعد على تعزيز الثقة وزيادة الاستخدام بين العملاء.
على مستوى الأسواق الدولية، تملك أنظمة الدفع الفوري القدرة على تعزيز اقتصادات الدول من خلال تسهيل المدفوعات العابرة للحدود بشكل آمن وفعال، التجربة التي إثباتها في السلفادور.
ومع استمرار هذه التطورات، من المهم تطبيق تدابير قوية لحماية البيانات وضمان أمان وخصوصية جميع فئات المستخدمين، مما يعزز الثقة في هذه الأنظمة الناشئة ويضمن الحماية ضد التهديدات المحتملة.
أنظمة الدفع الفوري: ضرورة وليست رفاهية
في الختام، فإن تحقيق الشمول المالي الرقمي ليس هدفًا فحسب، بل مسؤولية جماعية تتطلب التعاون والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية. إنها دورة كاملة تتطلب مساهمة كل المشاركين، من المؤسسات المالية إلى المنظمين، إلى المؤسسات التعليمية والمنظمات المجتمعية، لإنجاح هذا النظام.
لقد أثبت نظام الدفع الفوري (IPS) أنه ضرورة وليس مجرد رفاهية. فقد كان له تأثير إيجابي كبير على جودة الحياة والاقتصادات الوطنية، مما يعزز النمو الاقتصادي والتكامل المالي نحو اقتصاد رقمي مستدام.
ومع ازدياد أهمية أنظمة الدفع الفوري، تخرج البنوك المركزية من أدوارها التقليدية كمنظّم أو مشرّع لتصبح مُمكّنة للأنظمة التحويلية، مما يعزز الابتكار من جهة وضمان الاستقرار والسلامة والكفاءة من جهة أخرى.
وبتضح، بالنظر إلى المستقبل، أنه سيكون مليئاً بالتطورات المالية الرقمية المثيرة، ويجب أن نكون مستعدين لمواجهة جميع التحديات المرتبطة بها، مثل التشغيل البيني، والاتصال، والتقاص والتسوية، وإدارة البيانات الكبيرة. فالتعاون وتبني الابتكار سيحقق نظامًا ماليًا أكثر شمولًا وكفاءة ومرونة للجميع.